غرق مهاجرين.. مأساة جديدة في بحر إيجة تبتلع أحلام الفارين من الفقر

غرق مهاجرين.. مأساة جديدة في بحر إيجة تبتلع أحلام الفارين من الفقر
الهجرة عبر بحر إيجة - أرشيف

تتكرر مآسي البحر يوماً بعد يوم على طريق الهجرة نحو أوروبا، حيث يدفع الحلم بحياة آمنة كثيرين إلى مواجهة المجهول، وبين أمواج بحر إيجة، تختلط نداءات النجاة بصمت الموت، في واحدة من أكثر الطرق البحرية دموية للمهاجرين الفارين من الحروب والفقر، وأخيراً، كُتبت مأساة جديدة على سواحل جزيرة رودس اليونانية.

لقي رجل وصبي حتفهما غرقاً، إثر انقلاب قارب مهاجرين قبالة جزيرة رودس اليونانية، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الخميس.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الزورق كان يحمل عدداً من المهاجرين القادمين من السواحل التركية، قبل أن ينقلب أثناء محاولته الفرار من مطاردة زورق تابع لخفر السواحل اليوناني.

وأوضح بيان صادر عن خفر السواحل أن الدورية كانت تُجري مهامها الاعتيادية شرق بحر إيجة عندما أمرت القارب السريع بالتوقف، إلا أن الأخير تجاهل الأوامر وقام بمناورات خطرة أدت إلى غرقه.

مطاردة تنتهي بالموت

في السياق، أفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن جميع المهاجرين الذين كانوا على متن القارب سقطوا في البحر، ما استدعى تدخل زورقين إضافيين من خفر السواحل لإنقاذهم.

وتمكنت الفرق من انتشال 16 شخصاً أحياء، بينهم 12 رجلاً وأربع نساء، في حين تم العثور على جثتي رجل وصبي لم يتم تحديد عمره بعد.

وأكدت الشرطة في جزيرة رودس أنها اعتقلت ثلاثة من الناجين، وهم أرمينيان وأذربيجاني في أوائل الثلاثينيات من العمر، للاشتباه في تورطهم بعمليات تهريب البشر.

ويواجه المتهمون تهماً خطرة تشمل التسبب في غرق سفينة، والقتل غير العمد، وانتهاك قوانين الهجرة اليونانية.

مآسٍ في بحر إيجة

تتواصل المآسي في بحر إيجة رغم الجهود الأوروبية للحد من الهجرة غير النظامية. ففي الأسبوع الماضي فقط، لقي أربعة مهاجرين حتفهم شمال البحر ذاته بعد غرق قارب قرب جزيرة ليسبوس، في حين تم إنقاذ 34 آخرين.

ولا تزال اليونان، بسبب موقعها الجغرافي القريب من تركيا، تُعدّ إحدى البوابات الرئيسة التي يسلكها المهاجرون نحو الاتحاد الأوروبي، بحثاً عن الأمان والكرامة.

يعود تاريخ تفاقم أزمة الهجرة في بحر إيجة إلى ما بعد عام 2016، حين أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقاً مثيراً للجدل مع تركيا، نصّ على اعتراض المهاجرين وإيوائهم داخل الأراضي التركية مقابل مساعدات مالية.

ورغم أن الاتفاق نجح في تقليص الأعداد الوافدة مؤقتاً، فإن محاولات الهجرة لم تتوقف تماماً، إذ ما زال كثيرون يحاولون العبور باستخدام قوارب متهالكة غالباً ما تكون غير صالحة للإبحار، سواء من السواحل التركية أو الليبية.

أرقام وخسائر بشرية

وفقاً لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، فقد لقي 2820 مهاجراً حتفهم أو فُقدوا في طريق شرق المتوسط منذ عام 2014، في حين تجاوز عدد الضحايا في طريق وسط المتوسط 25 ألفاً و479 شخصاً.

هذه الأرقام الصادمة لا تُظهر فقط حجم المأساة، بل تكشف عن فشل السياسات الأوروبية في إيجاد بدائل إنسانية للهجرة القسرية، التي تدفع بآلاف الأرواح إلى البحر كل عام.

وأشارت تقارير حقوقية مصوّرة إلى أن خفر السواحل اليوناني ارتكب انتهاكات بحق المهاجرين، من بينها تركهم عائمين في عرض البحر من دون سترات نجاة، وأحياناً بعد ضربهم أو مصادرة قواربهم.

وأظهرت التحقيقات أن بعض عناصر خفر السواحل يخفون هوياتهم بالأقنعة لتجنّب الملاحقة أثناء عمليات "الصدّ".

وتواجه كل من أنقرة وأثينا انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية، إذ تتبادل الدولتان الاتهامات بشأن المسؤولية عن مأساة المهاجرين في بحر إيجة، فبينما تتهم اليونان تركيا باستخدام المهاجرين ورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي، تندد أنقرة بسياسات أثينا القاسية في إغلاق الحدود ودفع المهاجرين نحو الغرق.

بين البحر والحدود

تنفي اليونان جميع الاتهامات، مؤكدة أنها أنقذت مئات الآلاف من المهاجرين على مدى السنوات الماضية، وأنها تدافع عن حدودها التي تمثّل في الوقت ذاته حدود الاتحاد الأوروبي.

لكن المأساة تبقى مستمرة، إذ ما زالت قوارب الموت تبحر كل ليلة حاملة قصصاً عن الخوف والأمل، وعن أمهات وأطفال فرّوا من الجحيم ليجدوا أنفسهم بين أنياب البحر.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية